الخميس، 16 نوفمبر 2017

كلام في نشأة الحياة


كلام في
نشأة الحياة 
محاولة للوصول إلى كلمة سواء


هذا المقال يحاول مخاطبة عقل الإنسان أياً كان اتجاهه في قضية نشأة الحياة، ليس لزرع قناعة وإنما لفتح آفاق أرحب للتأمل، ثم يسلك الإنسان باختياره الحر ما يراه أنسب لمداركه، كما يحاول المقال تلمس ما ينبغي أن يكون عليه من أراد الحوار الديني فيما تفرزه العلوم الطبيعية من قضايا.

الناس في مسألة الحياة والنشأة فريقان، فريق ينسب الحياة ونشأتها إلى خالق مبدع مهيمن على هذا الكون، وفريق ينسب النشوء والارتقاء فيه إلى طبيعة الدهر.

إشكالية فريق الخلق إقحامه للنصوص - مع سعة احتمال معانيها - لنقض نظريات لم يحيطوا بها علما فنقاشهم عادة ما يكون سطحياً تجريمياً لا يزيد الخلاف إلا اتساعا، رغم إيمانه باشتراك كل الكائنات الحية ومنها الإنسان المكرّم في النشأة من ماء مهين، وحمأ مسنون، فتركيبها الأصلي سواء بلا تمايز، ولا أفضلية لكائن على آخر في هذا.

وإشكاليته الأخرى الخلط بين إرادة الله في قوله كن، وبين تنفيذ هذه الإرادة، فالله سبحانه لا يباشر الأعمال بيده وإنما فعله كلمة - ولله المثل الأعلى نحن نرى أن الحكام بل وكل من يترقى في المسؤولية يتطور حتى يصبح فعله كلمة، يقول فتنفعل لكلمته الأشياء؛ فكيف بالله رب العالمين - فكما لا تتعارض حقيقة أن رزق الحي من ربه وأن عملية الرزق تتم عبر مُنفِّذٍ أكان والداً لولده أو حكومة لشعب الخ، هكذا لا يتعارض أمر الله للطبيعة بالتكوين، ولا غرابة أن يقوم المنفذ بعمله عبر تجارب عديدة وأزمنة متطاولة ويصحح عبر التجربة والخطأ والتطوير، وقد صح النسخ حتى في القرآن، وما هو إلا تطوير للأحكام، كل هذا لا يخرج عن إرادة الله وأمره. والفرق بين المؤمن والكافر في هذا أن الكافر قصير نظر فلا يرى إلا النَّوء لينسب إليه المطر، بينما يرى المؤمن يد خالق النوء ومدبر الطبيعة، ذلكم الله رب العالمين.

أما إشكالية فريق النشوء والارتقاء فجملة إشكاليات منها:

- اعتبار من يلبس الجبة، وما يحمله من خرافة وتأويل هو الدين، فيكون نقضها وجهل حاملها نقضاً للدين،

- وإشكاليته الأخرى محاولته الهروب من الخالق والوحي والرسل فيقع فيما هرب منه فيتخذ طبيعة الدهر منطلقاً بيدها الهيمنة فتحتل هذه الطبيعة مكانة الإله من حيث يعلم الدهري أو لا يعلم، ويحتل في فكره علماء الطبيعة الكبار مكانة الأنبياء والرسل وبقية علماء الطبيعة مكانة الدعاة وجعل الأدبيات الكبرى في علوم الطبيعة مكان الوحي الإلهي الواجب التقديس، فوقع الدهري بذلك فيما هرب منه بدءًا.  

- إشكاليته الثالثة أنه مع جهله بالروح ونفخها وعدم قدرة العلوم الطبيعية تفسير أمرها فإنه ينكرها أو يرفض نسبة ذلك إلى الله أملاً في قدرة العلوم على كشف قوانينها مستقبلاً.

إن إشكالية البشرية على مدار التاريخ في مسألة العلوم الطبيعية متكررة، يتطورون فيها حتى يصل بهم الغرور إلى إنكار الله الخالق الحقيقي سبحانه وتعالى:﴿ فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون﴾[غافر: ٨٣].



رأي في القضية

الخلل متجذر في الفريقين، فالله بلا شك هو الخالق البارئ المصور الذي نفخ الروح فأوجد الحياة، لكن الطبيعة مصنع كبير، أوجدها الله سبحانه وتعالى ليتكون فيه الخلق وينشأ ويتطور، فأعطى الله لهذه الطبيعة خلقها وهداها ومداها، فمن يقتصر نظره عليها يرى الأشياء تتكون فيها من عدم، وتتطور على مدى ملايين السنين من ماء وحمأ، ومن يتأمل سيجد أن رحم الأنثى نموذج مصغر لهذه الطبيعة الكبيرة، حيث يوجِد الله سبحانه وتعالى جسيماً مجهرياً في بركة ماء أمداً من الدهر، يتطور هنالك ذلك الجسيم ويتحول خلقاً من بعد خلق، ويمر بصور كثيرة للكائنات، لدرجة أن يتماثل في بعض مراحل التطور بالأرحام الإنسان والفأر والسمكة والضفدع بل سائر الثدييات والطيور والزواحف بشكل يتعسر التفريق بينها، لكنها تخرج في تطورها الأخير مختلفة عن بعضها البعض تماماً، ولا تشبه مطلقاً ما كانت عليه مراحل تطورها البدائية[1].
 
تأمل شدة التطابق بين أصل نشأة الكائنات الحيوانية ومنها الإنسان حتى مرحلة التمايز

كما أنّ الخلق ليس كما يتصوره من يسيء قراءة النص الديني بأن الله مارس بيده عجن التربة، وصوَّر شيئا كالدمية ثم نفخ فيه، فتحول إلى كائن حي، فالله أعظم من ذلك. بل بالغ أهل الكتاب في هذا حتى صوروا الخالق في صورة شيخ كبير وأنه خلق آدم على صورة الرب[2]، واتبع كثير من المسلمين شيئاً من ذلك في أدبياتهم الدينية. وإنما الحق الذي ينبغي التزامه هو أن الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ومن ذلك أمره لهذه الطبيعة الدهرية بأن تكون رحماً كبيراً لهذا الخلق، فكان على مدى زمني طويل، وعلينا التأمل فيه لنزداد بالله معرفة، وبهذا التدبير اللطيف لهذه الطبيعة الدهرية جاء الحديث الذي ينبغي تأمله مطولاً: لا تسبوا الدهر فإنّ الله هو الدهر[3].

علينا تنزيه نصوص القرآن والسنة، فلا نحشرها بمجرد الظن في نقض نظريات ليس لدينا دليل آخر قاطع على فسادها، وليس لنا دليل قاطع في حصر النص فيما تأولناه به. مثال ذلك الاستدلال بقول الحق ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا﴾ [الإسراء: ٧٠] لنقض نظرية النشوء والارتقاء لتأويلنا أن التكريم يتنافى مع الاجتماع والقرود في مسيرة التطور، بيد أنّ افتراض اجتماع الإنسان مع بقية الكائنات في أصل النشأة لا يتنافى مع تكريمه بعد اصطفائه لحمل الأمانة كما لم يتنافَ التكريم مع خلقنا من طينة لزجة سوداء نتنة بنص القرآن ﴿ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون﴾ [الحجر: ٢٦] ثم تتابعت السلالة من ماء مهين ﴿ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين﴾ [السجدة: ٨]، ولم يتعارض كذلك مع بدايتنا بلا عقول نافعة قبل سن الرشد، ثم تنكيسنا في الخلق لكي لا نعلم من بعد علم شيئا، ثم دخول بعض الناس نار جهنم والعياذ بالله.

القول بأن أصل النشأة واحد من كائن مجهري دقيق بدأ من جماد ثم نفخت فيه الروح بصورة يجهلها علم الأحياء، ليخرج الحي من الميت، ثم تفرّعت منه الحياة فروع الشجرة، لا ينبغي أن يُجعل قضية دينية، وإنما يُفسح المجال لعلماء الطبيعة لدراسة هذا التكوّن والتطور، ووضع نظرياتهم وتطويرها، وقد أمرنا ربنا بالسير في الأرض لنرى آثار ذلك، وقد فعل داروين وفريقه في جوبهم الأرض بسفينة بيجل على مدى سنوات شيئاً من ذلك، ففُتحت لهم أبواب للمعرفة كانت مغلقة من قبل، فلا ينبغي تجاهلها أو الصدام معها، لأن النظر المتجرد في الآيات نعمة يجب تشجيع من يقوم به لا قمعه، ولو بدا لنا المسير متعثراً ﴿قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير﴾ [العنكبوت: ٢٠]

إنّ فتنة الناس بتعمد ايجاد تضاد بين الإيمان والعلوم الطبيعية بمجرد التأويل عمل غير جائز، ضار بالدين، فالذي يجب إنكاره هنا هو إنكار وجود الله سبحانه وتعالى ولطيف صنعه، والتكذيب باليوم الآخر أما كيف بدأ الخلق وكيف تطور، وهل كانت هناك فصائل من البشر قبل هذا الإنسان، أو خلال وجوده وانقرضت، فهذا مجال رحب للنظر والبحث، ومما يجدر ذكره في هذا السياق ما كتبه داروين ضمن خاتمة كتابه بدءا "في أصل الأنواع": "..على الأرجح كل الكائنات الحية التي عاشت على هذه الأرض انحدرت من شكل بدائي واحد بعد أن نُفخت فيه الحياة من قبل الخالق". وقال "يمكن للإنسان أن يكون متحمساً دينياً وتطورياً في آن واحد" وكتب "في تقلباتي الأكثر تطرفا لم أكن أبدا ملحداً بمعنى إنكار وجود الله"[4] وإنما الذي لم يستسغه داروين عقيدة التثليث ولهذا كان يفاخر به أهل الاتجاه الموحد لله في النصرانية، كما يمكن الاطلاع على شيء من ذلك بالبحث عن تراث داروين في توحيد الخالق Darwin’s Unitarian Heritage .

شبهة وجوابها

قد يرى البعض بأن قول الحق (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) آل عمران 95. يشير بشكل أقرب إلى التصريح إلى أن خلق آدم قد تم بلا تدرج في الخلق ولا سوابق، وإنما هي كلمة كن فكان كما حدث لعيسى، وهذا غير مسلّم به، فمع كلمة كن تكون عيسى في رحم امرأة ومن بويضتها فهو منتسب إليها بمعنى وجود تسلسل سابق من جهة أمّه، وخلقه تم في زمن - طال أو قصر - لكنه ليس من نطفة رجل، وهذا وجه الشبه مع آدم، فالأولى لمن يعتقد بتكريم بني آدم وتفضيلهم وحملهم الأمانة أن يعتقد بأن الإرادة الإلهية قضت بخلق الإنسان فكانت بداية الخلق متحدة ليكون كل ما في هذا الكون خدمة لهذا الإنسان. جرثومة تحمل غبار النجوم بدأت تدب في الماء ثم تطورت على مدى ملايين السنين لتتفرع منها كافة المخلوقات، حتى أتى وقت ظهور من سيختاره الله من بينها، فاصطفاه ونفخ فيه من روحه، تلك النفخة التي جعلته متحكماً أكثر من غيره من المخلوقات حاملاً أمانة الله في الحفاظ على هذا الكوكب ومن فيه، وهو كما يحتاج إلى زوجة تتخلق من ضلعه، محتاج إلى ما يتشكل قبله وبعده ومن ذات مكوناته ليكون مهاداً له؛ ومطعماً، ومشرباً، وملبساً، ودواء، ومركباً، وأُنسا. وما شدة التقارب الكروموسومي بين الإنسان وبقية المخلوقات الأرضية إلا آية بينة تفصح عن ذلك.
وما هذا التطور في الدين منذ خلق آدم إلى ختم النبوة والرسالة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا علامة على استمرار هذا التطور والحاجة فيه إلى التدرج حتى يبلغ أوجه الأسمى.


ماذا ينبغي للمؤمن الذي يريد النقاش في العلوم؟

ينبغي على المتحمس للنقاش الديني فيما أفرزته العلوم الطبيعية أن يدرس ما كتبه أهل العلوم الطبيعية في مجال النقاش بعمق وتجرد، ويفهم المادة جيداً، وهذا أمر ليس بالسهل ولا قصير الأمد -لا ما كتبه غيرهم عن نظرياتهم وخاصة أهل الكنائس- وإلا فيخشى عليه تخطئة الصواب والوقوع في استدلالات دائرية ومنطق مغلوط يضر بالحقيقة أكثر مما ينفعها. فكتاب أصل الأنواع لوحده كلّف داروين وفريقه خمس سنوات يجوبون فيها الأرض، ثم كلّفه ربع قرن من الاستشارات والمراجعة مع كل مختص يعرفه، حتى وصل إلى القناعة بصلاحيته للنشر، وقد تطورت النظرية على مدى العصور بسبب الاكتشافات العلمية كثيراً فلم تعد هي تلك النظرية البدائية.

من المغالطات المنتشرة مثلا تخلي الغرب عن نظرية النشوء والارتقاء، فما إن يسمع الملحد هذا حتى يدرك جهل مناقشه بالحقيقة. طبيعة البحث العلمي النزيه تحدي النظرية بمحاولة فتح أي ثغرة ممكنة فيها، وتدفع مراكز البحوث والجامعات أموالاً طائلة في هذا، كما يفعلون اليوم مع نظريات داروين وآينشتاين ونيوتن وغيرهم، لأن هذا هو ما يوصل إلى التطور المعرفي.  علم الأحياء المعاصر يقوم على العديد من النظريات والمفاهيم الرئيسية، وأهم هذه النظريات قاطبة نظرية التطور، والبقية مرتبطة بها لا تنفك عنها، مثل نظرية الخلية، ونظرية الوراثة، ونظرية العصبية والعقلية، ونظرية البيئة والتكيف، ونظرية الاستجابة المناعية، ونظرية الدورة الحيوية. فإن أردت هدم نظرية التطورلا بد من توفير بديل مناسب يحل محلها وإلا عرقلت علوماً تقوم عليها الحياة المعاصرة.

لكن الحقيقة أن نظرية التطور لم تعد عند أهل الاختصاص مجرد نظرية في علم الأحياء، بل هي أساس علمي حقيقي بنيت عليه أقسام علم الأحياء، وهي مثبتة بالأدلة الجزيئية والجيولوجية والفيزيائية والكيميائية والحيوية. وقد أصبحت مفهوماً أساسياً في علم الأحياء وتطبيقاته في مجال الطب، بما في ذلك علم الوراثة وعلم الأحياء الجزيئي وعلم الأحياء الخلوي. فطالب الطب الذي لم يدرس التطور البيولوجي عبر الزمن والتطور الجيني، والتشريح التطوري، وتأثير التطور البيولوجي على الصحة والإصابة بالأمراض المعدية والوراثية، وتحور الفيروسات والبكتيريا، من لم يدرس هذا لم يدرس الطب، ومن درسه فهو ابن نظرية التطور



ماذا ينبغي للشاك في الله رب العالمين سبحانه وتعالى؟

عندما يشك غير المسلم بالرب ولا يؤمن به فينبغي أن نتفحص ماهية هذا الرب الذي لا يؤمن به، لأن استنكاره للتثليث أو تجسيم الرب مثلاً صواب، لأنّ هذا ليس الإله الحق، وفعل من يكفر بهذا خطوة ضرورية في الاتجاه السليم، لكنه محتاج إلى من يوجهه إلى الله رب العالمين وأن يرى بأم عينه أن الحقائق التي يؤمن بها لا تتعارض مطلقاً مع ربوبية الله للعالمين كما قال داروين في الاقتباس السابق، لا إلى المسارعة في تقليد الملحد بالدخول معه في التيه ولو كان لامعاً مثل نيتشه أو كارل ساجان، لأن روح الإنسان مفطورة على الإيمان بالغيب، لا انفكاك لها عنه. التصديق مثلاً بالمادة المظلمة والثقوب السوداء والانفجار العظيم، والثقة بتعليل تشارلز داروين للانتخاب الطبيعي أكثر من تعليل ألفرد رسل والاس، هو في حقيقته ضرب من ضروب الإيمان بالغيب، وذلك لثقة المؤمن بهذا فيمن تحدث عن هذه الأمور وليس بالضرورة لبلوغه مبلغه من العلم بل ولا حتى قدرته على إثبات عقيدته، وهذا قمة التسليم بالغيب بغض النظر عن صوابه أو خطئه.
قد تلمع النظريات يوماً ثم لا يلبث بريقها أن يخفت بسبب الثغرات التي تزداد اتساعاً فيها. تأمل واقع مدرسة التحليل النفسي والتي كانت يوماً من الأيام ديناً للبعض ومنهجية حياة، وأين بلغ بها الحال اليوم إذ هي أقرب إلى الموت منها إلى الحياة.
إنّ من الضرورات التي ينبغي على الملحد فعلها قبل التشكيك في الإيمان قراءة ما كتبه المؤمنون بالله في باب "رد الشبهات" وما بسطه الفلاسفة المسلمون كالغزالي وابن سينا وابن رشد من العلل والمنطق التي يأنس بها العقلاني في باب الإيمان، وإلا فهو جاهل يدعي العلم، ويناقش فيما يجهله.

 نقطة أخيرة

من طبيعة العقل استصغار ما يصل إليه، فيرغب فيما وراءه، ولو كانت حقيقة كبرى لا يمكن منطقاً معها إلا التسليم، وإلا فمن لا يستطيع أن يرى يد الخالق المبدع فيما يجري في رحم الأنثى من تخليق للجنين مرحلة بعد أخرى، ويظن أن الرحم بكل ما يجري فيه من تعقيدات - لا تملكها أدق المختبرات والمصانع - مجرد صدفة، بلا خالق مدبر بديع، ويتجاهل الربط بين مراحل الخلق في الطبيعة بهذه الطبيعة المصغرة فهو مكابر لا يرغب في التسليم للحق، ومن أراد التمرد على الفطرة فسيجد بلا شك ما يجادل به.

لا ينبغي الصدام مع كامل نظرية النشوء والارتقاء لمجرد تعلق الملاحدة بها، بل ينبغي نفي الباطل فقط مثل ما فعل الإسلام مع بقية أمور الحياة في العبادات والمعاملات والتجارة الاقتصاد والطعام والترويح وغيره، وترك الغالب الأعم على حاله. هذا الكون له خالق وهو الله وهو الذي نفخ روح الحياة فينا وهو متحكم بكل شيء. انتشرنا من آدم الذي كرمه الله. أما كيف بدأ الخلق وماذا قبل آدم وكيف تطورت الكائنات فهذا يمكن الاجتهاد والخطأ فيه. هذه الطبيعة شبيهة برحم الأم التي ينشأ فيها الجنين من دودة تسبح في ماء مدة من الزمن فتتطور عبر مراحل مختلفة، تتشابه أولاً جدا ثم تتباين مع تطورها لتخرج في أشكال مختلفة، ويبقى تقاربها الكروموسومي كبيرا بشكل لافت. نظرية التطور تقول بأن بعض الكائنات تطورت لتصبح أصغر وأبسط ولدينا في الموروث الديني أن آدم كان طوله ستين ذراعا، فلعل النظرية تخدم الموروث في مثل هذا وتدعمه. غالب النقد صادر عن جهل لا دراسة، وعن توظيف للنصوص في غير محلها، فلا معنى لإقامة حرب بين الدين والعلوم وإلا فعلنا ما فعلته الكنيسة وشجعنا الناس على الإلحاد من حيث نظن انا نخدم الدين.

عبدالله بن حمدان
Twitter@ shooninsania







[1] http://www.labonline.com.au/content/life-science-clinical-diagnostics-instruments/article/why-do-all-animal-embryos-look-the-same--236915402
[2] سفر التكوين 1 : 27
[3] رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة، وجاء بألفاظ مختلفة
[4]  "Letter 12041 – Darwin, C. R. to Fordyce, John, 7 May 1879". Darwin Correspondence Project. Retrieved 24 January 2011.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خطبة عيد الأضحى 1446

  خطبة عيد الأضحى 1446  (تنبيه: العيد وافق جمعة ففي الخطبة فقرة بهذا) الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله ...