القدّاس الأخير
إذا مرّتِ الذكرى فذكرك باقي
لِيسكُنَني وَجْدٌ بغيرِ فِراقِ
يؤمِّلني قلبي مُحالاً بوصلِكم
لأحيا بأحلامٍ، ولاتَ تلاقي
أداوي هُيامي بالتعللِ والمنى
وهل لمريضِ الشَّوقِ غيرَ عِناقِ
أطاردُ أوهاماً وأعلمُ كُنهَها
أومِلُ في غيِّ السَّرَى بلَحاقِ
لأترعَ كأسَ الموتِ خمرَ محبةٍ
وكم قد تساقينا الهوى بِدِهَاقِ
أخدِّر منها يقظةَ العقلِ بالمنى
وعَقلُكَ والآمالُ خيلُ سباقِ
وإنْ حاولَتْ فكَّ الحبالِ بهجرِها
رَبَطْتُ على قلبِ الوصالِ وثاقي
وإن يعتبِ الأهلون جانبتُ أمرَهمْ
وفارقتُ فيها خُلَّتي ورفاقي
وإن ناصحوني بالدواءِ وبالرُّقى
حلفتُ لهم أنْ ليسَ ثمةَ راقي
تحنبلتُ أُرضيها، وودعتُ مالكاً
وَشِمتُ ذَرى نجدٍ وكنتُ عراقي
تضاءلتُ كي أفضي إلى ضيقِ سِربِها
وآنستُ ضُبَّانا وجُهْمَ نياق
هجرتُ لعينيها فضائي بأسرهِ
لألقى الرضا منها وطيبَ وِفاقِ
رضيتكَ قالت، إنما لستُ أرتضي
عقوقَ أبي لو جئتني ببُراقِ
وتلك وصاياهُ بأذني قوارعٌ
تقول بأرضي والقبيلِ لَصَاقي
أُطيعُ أبي حياً وأَعصيه ميتاً
أترضى بأن أحيا حياةَ نفاقِ؟!
فطلّقَ عقلي وصلَها، غيرَ أنهُ
بروحيَ سكناها لغيرِ طلاق
وأعلمُ من قلبي نصاحةَ قلبِها
وقُبلةُ صدقٍ عندها بصَداقِ
لها قدما صدقٍ بكلِّ فضيلةٍ
وقد طوَّقتْ عُنْقي بحُسنِ خلاقِ
وإنْ أنسَ لا أنسى مواقفَ دُرّةٍ
وظفرُ الرزايا ناشبٌ بخناقي
فقد كانت الكهفَ الذي فيه مأمني
وشَقّتْ نِطاقَيها لِرَأبِ نطاقي
سلامٌ عليها يوم جاءت، وودَّعَتْ
تقولُ: تَصَبَّرْ، والدموع سواقي
فإنْ ودَّعتني اليومَ فالوصلُ سابقٌ
ولن أَحمِلَنْ عَفْرَاً بظهرِ عِتاقِ[1]!
سأدعو بأن تحيا السعادةَ عمرَها
وترقى إلى الرضوانِ سبعَ طباقِ
ألوِّن ذكراها بِحِبْرِ مشاعري
إلى أن يُقِرَّ الموتُ لونَ سِياقي
فإنْ جفَّ جفنُ الحزنِ بالموتِ بغتةً
فموَّالُ شِعري للشَّجِيِّ مآقي.
أبو أسامة
٢٩/٤/٢٠١٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق