الخميس، 4 مايو 2017

هزت العالم يا مصر المهازل

‏هزَّت العالمَ يا مصر المهازلْ
‏يوم ذمَّ البومُ إنشادَ العنادلْ

‏واعتلى القردُ على كرسي القضا
‏واستحال السجنُ للأسدِ منازلْ

‏يا ربى مصرَ وقد طمَّ البلا
‏واستحق القطرُ سوداءَ النوازلْ

‏يا ربى مصرَ وعقلي سائلٌ
‏هل جموعُ النيلِ لله تنازلْ!

‏قد ظننا عصرَ فرعونَ انقضى
‏واستقامَ العدلُ والكفرانَ زائلْ

‏وجيوشُ النيلِ كانت حصنَنا
‏حين هبّت يومَ حطين تناضلْ

‏وربى مصرَ استحالتْ مسجداً
‏وسقى الأزهرُ أزهارَ الخمائلْ

‏فانتشينا حينها في عزةٍ
‏ومن النشوةِ تأتيك الغوائلْ

‏وعدوُّ الله يغلي حقدُهُ
‏وعلى الإسلامِ يحتاك الحبائلْ

‏فمن الوحدةِ قد ذاقَ الونى
وهو يدري كيف قد كان الأوائلْ

نحن قومٌ عزُّنا في دينِنا
‏إنّ بالإسلام إدراكَ الفضائلْ

‏ويمرُّ الدهرُ يا مصر وقد
‏هزّت العالم هاتيك الزلازلْ

‏ومخازٍ لا نرى مثلا لها
‏وانتكاسٌ لا تضاهيه الرذائلْ
‏ومياهُ النيلِ أضحت علقماً
‏لونُها القاتمُ ينبيك الفعائلْ

‏ورئيس القطْرِ مصاصُ دِما
‏ودمُّ المؤمنِ كالينبوعِ سائلْ

‏وكهولٌ فيك يا مصرُ غَدَتْ
‏في يدِ الجلادِ كي تهنا التنابلْ

‏قَيَّدوهم دون ذنبٍ إنما
‏حسبوا في الدينِ للتطوير حائلْ

‏يا لَجُرمٍ أنْ ينادوا جهرةً:
‏إنَّ عزَّ الشعبِ في الإسلامِ ماثلْ

‏وشبابٌ زُجَّ في السجنِ على
‏تهمةِ السمعِ لذاك المتحاملْ

‏تلكمُ التهمة قد أودتْ بهمْ
‏وقضى الحكمُ بتشتيتِ العوائلْ

يا ضريراً جرَّ قيداً في يدٍ
هزّها الشيبُ ولمْ ترضَ التنازلْ

تلكمُ الراحُ استراحتْ في الهدى
وهي للإصلاحِ في الدنيا تحاولْ

يا ضريراً مبصراً أرّقَهُ
سيرُنا المسرعُ، عفواً، للأسافلْ

شَمَّرَ الساعدَ يدعو جاهداً
يوضحُ الحقَّ لِغادٍ أوْ لقافلْ

يحملُ المصحفَ يرجو عودةً
نحو حكمِ الله، لا حكمَ المحافلْ

يا هزبراً سارَ في الدنيا على
سيرةِ الفاروق، يدعو للصواقلْ

إنما الدعوةُ دربٌ شائكٌ
كلفةُ الدعوةِ صَهْرٌ للمَفاصلْ

وهي للناس سراجٌ نيّرٌ
وهي دربٌ لجنان الخلد واصلْ

ففتيلٌ أنت يا شيخي لهُ
ثم في الجنات تحيا في الحواصلْ

فاصطباراً علَّ في السجنِ عسى
يقظةٌ كبرى لشعبٍ صارَ خاملْ

ثمّ عهداً قد قطعنا اننا
لسراجِ الدينِ نبقى كالفتائلْ

فأرِحْ بالَك لو في أسرِهمْ
هذه الشعلةُ فينا تتواصلْ

عبدالله بن حمدان
شروزبري - إنجلترا
٨ محرم ١٤١٠هـ 
أغسطس ١٩٨٩م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة فيها عبرة للشعراء والنقاد

قضية بلاغية   من «دلائل الإعجاز»، تنير الدرب للشعراء والنقاد، يعرض فيها عبد القاهر الجرجاني واحدة من أعمق القضايا اللغوية والبيانية، وهي إشك...