الخميس، 4 مايو 2017

مرثاة أم لعبدالله بن سالم السعدي


فقدتكِ في يقظة الانتباه
ولكن نومي غدا يقظةً
فصرت ألاقيك دون انقطاع
وصار منامي سر الحياه
وأهفو إلى لحظات الشرود

يقولون متِّ
وأنيَ مهما انتظرتك لن ترجعي
ولكنني ما فهمتُ.. فكذّبتهم
فكيف يعود الذي في حقيقته ها هنا
فطيفك يحضنني في مرايا الحياة
ويسكن مني الحنايا
يراقبني في زقاق البيوت

ومازلت ألمح طيفك كل صباح
بكل زوايا الحنين
لينساب صوتك نبع حنان
ترجّعه واجهات الهدى
وهذا المكان الذي اعتادنا
بذلك يشهد كرسيك الأصفرُ المستطيل
يغمغم دمعاً "أنا أشهدُ"

أيا أمّ أرجوك لا تذهبي
فحتى الخراف تحنّ إليك
وناقة جدي
وهذي الصغار حنين.
تحيط بهم وحشة قاتلة

وهذا (الصُغِّير) يهفو إليك
يفتّش عن حضنك الدافئ الممتلئ
ومازال يرنو إلى معجزات السماء
يصلي على ثوبك الطاهر المخملي

وصوتك يا أمّ يطرق قلبي
ينادي عليَّ: بنيّ استقمْ 
ويوقظني للصلاة ويبعثني للهمم
ومازلتُ رغم انتصاف النهار
أُأَمِّلُ يا أم مثل الغرير
قدومك للبيت تهديننا 
ابتسامة حب
ونظرة حرص
ودعوة صدق

سنيَّ الثلاثون يا أمّ مرت
وما كنت عندك غير صبيْ
وها أنا يا أمّ في فجأةٍ
أشيخ بشرخ الشباب
ونبض الطفولة صار اكتهال 

تعالَي فما زال مقعد سيارتي فارغاً
فاغرا مثل من يشتوي بالكلام

رفيقةَ دربي بكل الصعاب
سِهاميَ كنتِ وكنتِ الحصون
فكان إليك المفر إذا احتدمت كربتي
تعالَي فبَعدك صرت بأرضٍ عراء
ومزّقَ أجزائيَ الانتظار

تعالَي أيا كرْمة الكرَمِ الحاتمي
تعالَي فقد غادرتنا الحشود
فلا تخفق النعل من حولنا
وصار المكان خواء
ولم يتبق لنا غير ذكرى جميلة،
بلا خبزةٍ تُستطاب،
وايماننا بالقضاء.

وفيَّ أيا سامعيّ بقايا
أقول لأمي بها في البعاد: صباحك خير
وأطبع في السر بين الدموع: مساؤك خير
عسى نلتقي في جنان الخلود


عبدالله بن سالم بن صغير السعدي
تحرير: ع ح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة فيها عبرة للشعراء والنقاد

قضية بلاغية   من «دلائل الإعجاز»، تنير الدرب للشعراء والنقاد، يعرض فيها عبد القاهر الجرجاني واحدة من أعمق القضايا اللغوية والبيانية، وهي إشك...