الأحد، 23 مارس 2025

القطع في النحو

 قاعدة قطع النعوت (النعت المقطوع)


تغيير الحركة الإعرابية للنعت للفت انتباه السامع، وتضمر رافعا أو ناصبا.


وامرأتُه حمالةَ الحطب (قراءة عاصم) حمالة منصوبة على الاختصاص (أخص حمالةَ).


جاء زيدٌ العالمَ. العالم نعت مقطوع. منصوب بفعل محذوف تقديره أعني.


رأيت زيداً العالمُ. العالم نعت مقطوع. خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو.


ومن شهير ما يقع فيه القطع غير النعت، وقوعه بعد العطف بالواو (ليس البر …والصابرين) (لكن الراسخون…والمقيمين الصلاة).


وحكمته لفت الانتباه، لأغراض المدح والذم والترحم.


اعرب (قفر) في البيت:


وقبر حرب بمكانٍ قفرُ

وليس قرب قبر حرب قبرُ

السبت، 8 مارس 2025

قول في كتاب الباقلاني (إعجاز القرآن)


كتاب إعجاز القرآن للقاضي الباقلاني فيه مباحث نافعة يمكن جمعها في بضع صفحات، لكنه كتاب لم يستطع إظهار سر إعجاز القرآن.


التفصيل:


الكتاب نموذج للكيفية الخاطئة في نقد الشعر، ولعله أفضل نموذج لذلك. لبيان إعجاز القرآن، أتى بقصيدتين قصيدة لأعلى شاعر جاهلي وهو امرؤ القيس وانتخب أعلى قصيدة له؛ معلقته، وخاض فيها بالتسفيه وجعلها لا تساوي شيئا، بنقد جائر بعيد عن الحق، ثم أتى بخطب للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم خطب لكبار الصحابة، وبعضها مشكوك في ثبوته، ولم يأت بأحاديث نبوية متواترة، وسكت عن كل ذلك ولكأنه والعياذ بالله يستحث القارئ على نقدها بنفسه، بأنها لا تبلغ مستوى الإعجاز وإلا فلماذا أدرجها؟ هذه سقطة كبيرة، ثم تعرض لهلوسات مسيلمة، ثم أغلق النقد بالتعرض للبحتري حيث يعتبره البعض أعلى شاعر في عصره، فانتخب أعلى قصيدة له كما يراها البحتري بنفسه فيما روي عنه (أهلا بذلكم الخيال المقبل) وفعل معها فعله مع (قفا نبك) فجعلها أضحوكة، بنقد فيه الكثبر من التلبيس على من يجهل أصول النقد. وفي ثنايا النقد تعرض باللمز للجاحظ وانه لا يأتي بشيء من عنده وأن غالب ما في كتبه نقل وتجميع من الناس!


فعل الباقلاني هذا بنية حسنة فبضدها تتبين الأشياء، حيث ظن بأنه بهذا السلب والثلب لكلام العرب من شعر ونثر يستطيع بيان إعجاز القرآن وانه من عند الله.


الغريب انه فيه ثنايا نقده لشعر امريء القيس والبحتري أتى بأشعار لغيرهم يدلل بها على تمام الجودة عند غيرهما ونقصها عند الشاعرين، حتى انه وصف شعر ابن المعتز بأنه (كالسحر) فناقض نفسه من حيث لا يدري.


وبنية حسنة كذلك، نفى وجود السجع في القرآن، لأن السجع مرتبط في فهمه بالكهان، وتكلف في النفي غاية التكلف بكلام طويل لا طائل تحته.


لا يرى القاضي الباقلاني إعجاز القرآن محصوراً في نظمه وإنما كذلك فيما أتى به من علم وأحكام وقصص وغيبيات، ولكنه أوجز في هذا جداً، فذكره خبراً من الأخبار، وجعل همه بيان الإعجاز البياني في القرآن ولكنه لما أتى لمختاراته من آي الكتاب كان في الغالب الأعم يعطي أحكاماً عامة بألفاظ منمقة مسهبة لا يختلف عليها أهل الايمان فهي تصح على كل آية في القرآن، لكنه يفشل في برهنة ما يضعه من أحكام، نحو [قوله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا) يدل على صدوره من الربوبية، ويبين عن وروده عن الآلهية. وهذه الكلمة بمنفردها وأخواتها كل واحدة منها لو وقعت بين كلام كثير - تميز عن جميعه، وكان واسطة عقده، وفاتحة عقده، وغرة شهره، وعين دهره.] اهـ.


ثم بفطنته يتوقع أن يدرك القارئ لكتابه هذه الحقيقة فيغضب ويتهم من يحاول الاستفسار بضعف الفهم فينصحه بيترك محاولة فهم الإعجاز والاكتفاء بالتقليد، ويكرر هذا عدة مرات في كتابه.


الحقيقة السهلة التي أضاع حكمتها الباقلاني في كتابه هي أن المعجزات تأتي إلى الأمم وفق ما تفوقت فيه هذه الأمم وبرّزت، فتفوق قوم في الطب فأتاهم الله بمن يبريء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، وتفوق قوم في السحر فأتاهم بالعصا التي تكون حية تسعى، وتفلق هذه العصا الحجر فيخرج منه الماء، وتفلق البحر، وأتى القرآن الكلام المعجز إلى قوم برّزوا في فنون الكلام شعراً ونثرا، فلا معنى لتسفيه شعرهم ونثرهم، ولا يفيد هذا القرآن بشيء، بل يضره، فهذا كمن يقول لمن هزم عدواً بأنك لم تلاق من يعرف الحرب! وإنما الذي يفيده تمجيد هذا التراث وبيان عظمته وأنه بلغ الغاية، وهو كذلك فعلا، فلما سمع القرآن فصحاء العرب علموا يقيناً انه قول لا يستطيعونه فأسلم الموفّق وأما المعاند فمع تعنته لم يحاول الاتيان بمثله رغم التحدي المتكرر.


هل أسهم كتاب أبي بكر الباقلاني ت 403 هـ  إعجاز القرآن في ظهور كتاب عبدالقاهر الجرجاني 471هـ دلائل الإعجاز؟


قد يكون ذلك فقد قال الباقلاني نصاً (الإعجاز واقع في نظم الحروف التي هي دلالات وعبارات عن كلامه. وإلى مثل هذا النظم وقع التحدي) ص 260 فمع انتباهه للنظم لكنه في البحث عنه لم يتجاوز المحسنات اللفظية والمعنوية من وجوه البديع وهو أمر يستطيعه طلاب العلم، فلا شك أن عبدالقاهر أمسك بهذا الخيط الممتد منذ الجاحظ.


الجميل الذي يشكر عليه علماء الأمة وأدباؤها هو أن التأليف لمحاولة بيان إعجاز القرآن لم يتوقف منذ العصور الأولى، حتى فتح الله على الجرجاني بدلائل الإعجاز فظهر أن سر إعجاز القرآن ليس في مجرد ألفاظه وإنما في انتظام هذه الألفاظ وترتيبها فتبين أن علوم البديع والمعاني والبيان ما هي إلا مكونات في النظم القرآني وليست سر إعجازه، كما أن اللحم والشحم والدم مكونات في الإنسان لكنها ليست الفارق بينه وبين سائر الحيوان.

ثم احتجنا لعدة قرون أخرى ليأتي سيد قطب في (التصوير الفني في القرآن) و (في ظلال القرآن) ليبين لنا سراً آخر في إعجاز القرآن مرتبط بالنظم وهو وجود روح قرآنية تسري بنفوس المؤمنين فتبعث فيهم النور والتقوى والصبر والشكر والحياة والبهجة. ومما مهد لسيد قطب إسهامات محمد عبده ورشيد رضا ومصطفى صادق الرافعي قبله. وهكذا فكل اجتهاد علمي ولو كان خطأ يسهم في التراكم المعرفي فإن كان خطأ نفع اللاحق بترك ذلك المسار ومعرفة عدم جدواه، وإن كان صواباً ولو قلّ كان لبنة هامة في البناء المعرفي.

ع ح

خطبة عيد الأضحى 1446

  خطبة عيد الأضحى 1446  (تنبيه: العيد وافق جمعة ففي الخطبة فقرة بهذا) الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله ...