أَطَرْتَ رسيسَ
الوَجدِ، يا باعثَ الهَوى
سيوفاً أَطَرْنَ المروحياتِ في الهواءْ[1]
فسالتْ بحبرِ
الروحِ نفسي قصيدةً
تُغنّي الذي أسكنتُهُ القَلبَ وانزوى
وكنتُ أذودُ
الشوقَ نيّةَ صابرٍ
وكلُّ امرئٍ يَلقى لدى اللهِ ما نَوى
وإلا فَفُرقى أنْ تكون مُجنِّحاً
صَيوداً من العِقبان
قد يَبعثُ الجَوى[2]
إذا سمعتْ أذني دويَّ جناحِها
وكنتُ على الأدواءِ ما احتجتُ للدَّواءْ
لها
بصمةٌ أوحتْ لهوليودَ فنَّها
وفتنةُ
قلبٍ لا تُحَدُّ بمستوى
محرِّكُها
النفّاثُ يعوي مجاوباً
بلَيلِ
السُّرى ذئبَ البراري إذا عوى
تُعانقُ
قرصَ الشمسِ إن بان أو هوى
وتَبعثُ
في الأوداءِ من قدسِها طُوى[3]
تُذَكِّرني صَرفيتَ، والجوَّ غائماً[4]
جبالَ خريفٍ أيقظَ النجمَ فاستوى[5]
نَشُقُّ بحُسبانٍ[6] مَهيبَ رُكامِها
لنَنْزِلَ لُجّاً مائجاتٍ به القُوى[7]
إذا ما تَعَمَّمنا السحابَ انجلى لنا
محيطٌ كبركانٍ تَعاظَمَ والتَوى[8]
ترى الموجَ كالسَّجادِ يَنفُضُه فَتىً
ويَطويهِ في عُنفٍ، ويا هَوْلَ ما طَوى
وطائرُنا الميمونُ، يَنْسَلُّ لَقوةً[9]
لقنبلةِ الدُّخَّانِ، كالنَّجمِ إذ هوى[10]
تَؤُمُّ النَزاوي تَحمِلُ النصرَ عَسكراً
وتَموينَ ما يُوْرِي الزنادَ وما رَوى[11]
فتلك الهُيُوئي[12] أمُّ كلِّ كتيبةٍ
يَراها العِدى أختاً لنزّاعةِ الشَّوى
عديدةُ
أدوارٍ، عديمةُ تُهمةٍ،
مجيبةُ
طيارٍ على متنِها استوى[13]
مُقَيِّدَةً في حبِّها مَن يَطيرُها
ورُبَّ
جميلٍ صار بالعهدِ مُجتَوى[14]
أعِدْ لي صَليلَ المروحياتِ مُرْعِداً
إذا قلبيَ
الولهانُ بَلْبَلَ[15] أو غَوى[16]
فتلك الموسيقى لا سِواها تَهُزُّني
وتَبعثُ ذكرى الثابتِين ومَن ثَوى
ليَرقُصَ شِعري، مُرقِصاً كلَّ فارسٍ
رأى ما رأينا، شارحاً سِرَّ ما حَوى
فينسابُ
بالأخبارِ مِن جُزرِ هُرْمُزٍ
إلى
حِصنِ حَبروتٍ بِحِسٍّ ومُحتوى[17]
يَفيضُ أحاديثاً يُرَجِّعْنَهُ فتىً
ويا لَادّكارٍ إنْ ذَوى العُمْرُ ما ذَوى
وما ذكرياتُ الجندِ إلا مناقبٌ[18]
وترسيخُ أمنٍ بالبلادِ ولا سِوى
إذا احتضنَ الرشاشَ لو مستجِدُّهمْ
تَيَقَّنتَ أنّ الخَصْمَ في جُحْرهِ اشتَوى
فَعَمَّتْ كنورِ الشمسِ أمجادُ جيشِنا
وطارَ غشومٌ عن أمانيهِ وارعَوى
سلامٌ على وَكْرِ الصقورِ وجيشِنا،
وكلِّ فدائيٍ، وكلِّ دمٍ رَوى
سلامٌ على جندٍ كَجِنٍ فعالُهمْ
وآثارُهم
للمَكرماتِ هي الصُوى[19]
سلامٌ
على عَينٍ تَبيتُ حِراسةً
أكانت
بِصَرْدى (شَمسِ)[20]
أو لاهِبِ اللِّوى[21]
سلامٌ على شُمِّ الجبالِ بأرضِنا
وسوحٍ بها طِرنا، وبحْرٍ
وما أوى
سلامٌ على سَمحانَ يَخْلُدُ كاسمِهِ
ويُزجي إلى الألبابِ ما سَلَبَ النَّوى
سلامٌ
على طيوي وكمزارَ واليَقا
سلامٌ
على سِيقٍ وكُور وما انطوى[22]
سلامٌ على كلِّ البلادِ وأهلِها
وكلِّ
حَفِيٍّ بالقصيدِ، ومَن رَوى[23]
ستَبقى الهُيوئي بين كلِّ مُجَنِّحٍ
مصابيحَ
سُمَّارٍ إذا غيرُها ضَوى[24]
وتَبقى فِعالٌ
لا تُنالُ بتالدٍ
ذخائرَ
للأخرى، تُرفرِفُ كاللِّواءْ[25]
عبدالله بن حمدان
[1] مراوح الهليكوبتر مع دورانها أحدّ من السيف وهي سر طيرانها ومرونة حركتها.
[2] الجوى: حزن ناشيء عن حب. وفي البيت التفات. وكما تأتي (قد) للتشكيك والتقليل، فإنها قد تأتي
للتحقيق والتكثير، حسب السياق. يقول ابن عاشور في تفسير {قد يعلم الله} [النور : 63] "ودخول (قد) على المضارع يأتي للتكثير،
كثيراً، لأن قد فيه بمنزلة (رُبَّ) تستعمل في التكثير، ومنه
قوله تعالى : {قد يعلم الله المعوقين منكم} [الأحزاب : 18] وقول زهير : أخو ثقةٍ لا
تُهلك الخمرُ مالَه *** ولكنه قد يُهلك المَالَ نائلُه.
[3] الأوداء جمع وادي، وكأنها بمرورها في الوديان تعطيها قدسية وادي طوى،
وفضّلت الأوداء على الوُديان لأن فيها مشاكلة لفظية مع الأدواء المستخدمة في
القصيدة، وذلك مما يسهم في تشكيل جو القصيدة المميز، ولأن لفظة الوُديان مما
تحاماه الشعراء الأوائل. وعاد التصريع تنبيهاً للسامع لأهمية التالي، وهو أسلوب
متبع في شعر الفحول وكان امرؤ القيس إمام هذا، لا تكاد تخلو قصيدة له من تكراره.
[4] الواو هنا واو العطف، تذكير بصرفيت وما بالطيران
بها من تحديات بكل الأجواء، ومنها جو الخريف، والتذكير كذلك بالخريف وما في
الطيران به من تحديات، وفي هذا شرف المعنى، ولو جعلناها واو الحال لاقتصر الأمر
على صرفيت وفي وقت الخريف فقط، وهو ليس المراد.
[5] النجم: هنا ما ينجم من الأرض من نبات وعشب،
وعليه تفسير (والنجم والشجر يسجدان).
[6] حسابات جوية لضمان النزول بسلام خلال الطيران في السحاب بلا رؤية ولا رادار،
عبر حساب معطيات السرعة والمسافة ومعدل النزول والزمن.
[7] اللج: هنا بحر العرب ويكون بهذه المنطقة خلال فصل الخريف هائجاً.
[8] إذا ما تعممنا السحاب: الصورة إشارة إلى النزول فيكون السحاب أول
اختراقنا له كالعمامة لنا.
[9] اللقوة بكسر
اللام وفتحها العقاب الخفيفة السريعة الاختطاف، يقول امرؤ القيس في ألا عم صباحا:
كأني بفتخاء الجناحين لَقوةٍ*دَفوفٍ من العِقبانِ طأطأتُ شِملالِ.
[10]
تنزل الطائرات باتجاه الريح، فيرمي الجنود بالأرض قنبلة دخان
للطائرة التي ينتظرون.
[11] النزاوي جمع نزوى
مواقع حراسة عسكرية مرقومة كانت على شاطيء صرفيت، ومن أهمها
نزوى9.
[12] الهيوئي Huey UH-1 هو الاسم الأشهر لعمودية بل
205 وهي أشهر طائرة هليكوبتر في زمانها ومن أكثر الطائرات التي أنتجت في العالم.
[13] من أهم مزايا الهيوئي تعدد أدوارها وسهولة التغيير بينها، من إسناد الخطوط
الأولى بالمعارك، إلى البحث والإنقاذ، إلى الحمولات المعلقة إلى أدوار قتالية فمن
رحمها ظهرت عمودية الكوبرا، إلى الأدوار المدنية العديدة، كما انها قليلة أعطال
سهلة الإصلاح، متجاوبة بيسر مع مطالب الطيار، سهلة القيادة.
[14] المجتوى المكروه، يقال اجتوى الشيء إذا كرهه، فهي بخلاف هذا.
[15] البلبلة الوقوع في الاضطراب وزيادة الهم
والوساوس.
[16] غوى عما يجب الاهتمام به.
[17] لشدة
تأثره بما يقول يتفاعل مع ذكرياته بأحاسيسه.
[18] المنقبة كرم الفعل وهي ضد المثلبة.
[19] الصُّوى العلامات الإرشادية على الطريق، جمع صُوَّة، وفي
الحديث الصحيح «إِنَّ لِلْإِسْلَامِ صُوًى وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ».
[20] جبل شمس، وصِردى أماكنه الباردة جمع صَرِد.
[21] اللِّوى: هنا عرق الرمل الملتوي، ولم أشمل الطارف حتى لا أسدّ الباب على
طالب المجد.
[22] يقا قرية
في وادي بني غافر كانت محطة العموديات لتموين القرى النائية بجبل السراة وما حوله.
وناسب ذكر ما انطوى بعد ذلك من قرى فلم نذكره بعد جبل كور فمن الكور التكوير أي
الطي واللف.
[23] سبب القصيدة صاحب بعث فيديو لعمودية الهيوئي، وكما يبعث رؤية الأطلال أو سماع
نوح الحمام شجى الشعراء، بعث ما رأينا وسمعنا هذه اللزومية من بحر الطويل.
[24] ضوى: ضَعُف ودقّ.
لهذه العمودية فضل كبير في إنهاء الحرب فبدخولها تمكن الجيش في كل فصول السنة من
التحكم بطريق التموين المحاذي للبحر المؤدي إلى وادي شرشتي ، وكان قبلها متعسراً
لوجستياً للظروف الجغرافية والمناخية فكانت في طليعة النقاط الحاسمة في الحرب. فكل
احتفاء بها مجد مستحق.
[25] اللواء: هنا العَلم.
ترجمة القصيدة
The Huey
Oh, bringer of passion, you stir the heart’s essence,
With blades that lift the chariots of heaven high.
With the ink of my spirit, my soul spills for in verse,
Singing, secrets, locked within, hidden from the eye.
I chase away longing with the strength of forbearance,
For each soul meets God with the intentions it bears,
‘Lest the fire of separation from my Falcon’s wings, ignites despair.
When her roar echoes in the air,
I need no remedy for the burdens I wear.
This iconic bird inspired Hollywood's art,
A fascination measured by scales of mortal design.
Her jet engine howls through the night,
A response to the prairie wolves’ haunting call, divine.
Weather rising or setting, the sun's embrace
Kisses her silhouette, turning valleys to sacred ground.
She returns me to Sarfait, where monsoon clouds trace,
Mountains dressed in khareef, where verdant life is found.
We navigate these Giants with reverent grace,
Then descend into a tempest of swirling force.
As clouds shed their garments, wild seas we face
The angry waves, like a volcano growl as we course.
I see the waves, a carpet shaken by a youth,
Folding violently; oh, the horror within their thrall!
Then like a falling star, our brave bird descends,
Guided by a Nizwa’s smoke grenade, a beckoning call.
We bring them victory: soldiers, rations, and shells,
The Huey, mother of battalions, fierce as hellfire’s swell.
With countless roles, she bears no blame,
Responsive to the pilots tender claim.
Finding those who steer her with a love that grows,
Other treasures pale beside what this devotion shows.
Oh, to hear her magic voice again,
When my longing heart is stirred or led astray.
No sound shakes me like that music, imprinted in my brain,
Awakening memories of the brave, long locked away.
Let my poetry dance, making every knight sway.
The knights who were a witness to the tales we hold, unraveling their threads.
Flowing from Hormuz’s islands to Habroot’s stronghold,
Overflowing stories that restore our youthfulness,
Memories that linger as life gently fades,
Soldiers’ recollections are proud, their virtue never frayed.
In the embrace of security, they stand tall.
When our novice wields his rifle,
The enemy rots in his hole, defeated, small.
The glories of our army spread like morning light,
Chasing dark dreams of the aggressor into flight.
Peace be upon our falcons, our brave brigade,
Every martyr, every drop of blood paid.
Salute the soldiers, swift as jinn in the night,
Their efforts, Blaze with honor, a radiant site.
Salute the watchful eye through the night’s embrace.
In the chill of Mount Shams or the heat of the dunes we brace.
Salute the tall mountains, the plains where we soared,
And the sea with its tender, eternal accord.
Salute Samhan, as timeless as it's ancient name,
Though it's memories are stolen by times cruel game.
Salute Tiwi, Kumzar, and Yiqa bright,
Salute every valley, every shadow in sight.
Salute all lands and their people,
Every lover of poetry, every heart that recites.
The Huey shall soar above all that flies.
A beacon of light when the world darkens and cries.
Acts that cannot be bought with the weight of gold,
Will forever be treasures, proud banners. Behold!