يا شعرُ هل لي في كؤوسك مشرَبُ
يَروي المشاعرَ ، رِيُّهُ لا يَنضَبُ
كأسٌ عصارتُهُ القصيدةُ خمرةً،
عَذْبُ المذاقِ كما تَرَسَّمَ مَطْلبُ
تَجري به خيلُ الخيالِ إلى النُهى
وعلى حوافيهِ السلاسةُ تُسكب
دفْقُ المشاعرِ في مشاعلِ فكرهِ
يَسري ضِياً فكأنما هو كهربُ
والشعرُ يثمِرُ في بساتين الذي
يَسقيهِ من ماءِ الفؤادِ ويَتعبُ
في كلِّ بيتٍ بالقصيدةِ مِسكةٌ
من قلبِ ناظِمِهِا وجُرحٌ يَثعب
وبمحكمِ التصويرِ جاءت لؤلؤًا
رطِباً، وقَطْراً من ندى يَتصبب
عزفٌ شجيٌ في بيانٍ شائقٍ
في كلِّ ذاكرةٍ بنورٍ يُكتب
تَسبي قلوبَ أولي الحجى ولربّما
مَن لا لهُ في الشعرِ قِدْماً مَرْغَبُ
يقِفُ الزمانُ بها[i] ليَنحتَ مَرْكَباً
فيهِ النجاةُ لأمّةٍ تتأدبُ
شعرٌ تَصعَّدُ فيه أطباقَ السما
والصدرُ منشرحٌ؛ فنِعمَ المَرْكَبُ
ووَقودُهُ قلبُ الأديبِ، وعلمُهُ،
وشجونُهُ، وذكاؤه، والمكسبُ
فالشعرُ بعد الشرعِ مِرقاةُ العُلا
يَجدُ الهدى فيه الفتى والأشيبُ
حِكَمٌ تُزيلُ من الحياةِ عذابَها
وتُقَرِّبُ الأخرى إليك فتَعْذُبُ
والشعرُ يَبعث في الجبانِ شجاعةً
والشعرُ يَعبث بالجبالِ فتطربُ
فالشعرُ أغنيةٌ، ودهشةُ سامعٍ،
وأصيلُ أمثالٍ، وغيثٌ مُعشِبُ
إن لم يكن في الشعرِ هذا فليكنْ
نثراً، ولِلنثرِ السبيلُ الأقربُ
ع ح
[i] الصورة الشعرية كالصورة الفوتوغرافية تُثَبِّت
الزمن، تتوارثها آداب الأمة تترقى بها، أمثالاً وحكماً ومواعظ.