كلام في
الكلمة
الكلمة سلطان العمل،
فما سر هذا الوجود إلا كلمة،
ويبنى الإيمان على كلمة،
وتبنى الأسرة على كلمة،
وتبنى الدول على كلمة،
وتبنى الأعمال على كلمة،
وما القَسَم إلا كلمة.
ولقداسة الكلمة وقيمتها مَقَتَ اللهُ الذين
يقولون ما لا يفعلون،
وكانت حصائد الألسن أكبر سبب لكب الناس
على مناخرهم في نار جهنم.
وكلما ارتقى الكائن ارتقت قيمة كلمته، وتُرجمت
إلى فعل، فكلمة الوالدين مقدّسة ينشأ عليها الأبناء، وكلمة العالم نور يستضاء به، وكلمة
القاضي فصل ما بين الحق والباطل، وكلمة الحاكم توجيه تقوم عليه الدولة، وكلمة النبي
ديانة يتعبّد بها الناس، حتى كانت كلمة الرسول أعظم قيمة من فعله، فإذا ما تعارض
قول الرسول مع فعله قُدِّم قوله لأنه أعم، فإذا ما ارتقت الكلمة إلى أن تكون كلمة
الله اكتمل مجدها فأصبحت "كن" هي الفعل التام الذي لا نقص فيه ولا عيب.
فمن أراد الترقي فعليه
أن يلزم كلمة الصدق، ثم ينتقي من الصدق ما وافق الحكمة، فإن
الإنسان مسؤول عن صدقه، فبعض الصدق غيبة، وبعضه إفشاء سر، وبعضه يؤذي مَن لا يستحق الأذى،
ولهذا كان الكذب في مواضعه المعدودة خيراً من صدقٍ فارقَ الحكمة.
فمن تم له ذلك قلّ كلامه لأن الحكمة عزيزة، والحق يحتاج إلى تفتيش وجهد، وزادت حساسيته تجاه الكلمة حتى يزنها
بميزان الذهب، ويرى أثرها أحد من السيف، فترتفع مروءته
ويعظم قدره.
ع ح