الخميس، 20 يونيو 2024

يا شعر هل لي في كؤوسك مشرب

يا شعرُ هل لي في كؤوسك مشرَبُ

يَروي المشاعرَ ، رِيُّهُ لا يَنضَبُ

كأسٌ عصارتُهُ القصيدةُ خمرةً،

عَذْبُ المذاقِ كما تَرَسَّمَ مَطْلبُ

تَجري به خيلُ الخيالِ إلى النُهى

وعلى حوافيهِ السلاسةُ تُسكب

دفْقُ المشاعرِ في مشاعلِ فكرهِ

يَسري ضِياً فكأنما هو كهربُ

والشعرُ يثمِرُ في بساتين الذي 

يَسقيهِ من ماءِ الفؤادِ ويَتعبُ

في كلِّ بيتٍ بالقصيدةِ مِسكةٌ

من قلبِ ناظِمِهِا وجُرحٌ يَثعب

وبمحكمِ التصويرِ جاءت لؤلؤًا

رطِباً، وقَطْراً من ندى يَتصبب

عزفٌ شجيٌ في بيانٍ شائقٍ

في كلِّ ذاكرةٍ بنورٍ يُكتب

تَسبي قلوبَ أولي الحجى ولربّما 

مَن لا لهُ في الشعرِ قِدْماً مَرْغَبُ

يقِفُ الزمانُ بها[i] ليَنحتَ مَرْكَباً

فيهِ النجاةُ لأمّةٍ تتأدبُ

شعرٌ تَصعَّدُ فيه أطباقَ السما

والصدرُ منشرحٌ؛ فنِعمَ المَرْكَبُ

ووَقودُهُ قلبُ الأديبِ، وعلمُهُ،

وشجونُهُ، وذكاؤه، والمكسبُ

فالشعرُ بعد الشرعِ مِرقاةُ العُلا

يَجدُ الهدى فيه الفتى والأشيبُ

حِكَمٌ تُزيلُ من الحياةِ عذابَها

وتُقَرِّبُ الأخرى إليك فتَعْذُبُ

والشعرُ يَبعث في الجبانِ شجاعةً

والشعرُ يَعبث بالجبالِ فتطربُ

فالشعرُ أغنيةٌ، ودهشةُ سامعٍ،

وأصيلُ أمثالٍ، وغيثٌ مُعشِبُ

إن لم يكن في الشعرِ هذا فليكنْ

نثراً، ولِلنثرِ السبيلُ الأقربُ

 

ع ح



[i]  الصورة الشعرية كالصورة الفوتوغرافية تُثَبِّت الزمن، تتوارثها آداب الأمة تترقى بها، أمثالاً وحكماً ومواعظ.


الثلاثاء، 16 يناير 2024

صاف الشتاء وأشتى الصيف بالمحن

صافَ الشتاءُ وأشتى الصيفُ بالمحنِ

فصار ملبسُنا شروى أبي الحسنِ[1]

ورحلتانا صواريخٌ مسيّرةٌ،

ورحلةُ الشام تسري من ربى اليمنِ

فأحمرّ بحرٌ كأنّ الاسمَ لوّنَه

من عمق ايلات حتى منتهى عدن

وبابُ مندبِ مندوبٌ لنصرتِنا

في غزةِ العزِّ مهما كان من ثمن

قَفلُ المعابرِ يا ظُلّامُ يتبعُهُ

أن تُرعَبوا بانقطاعِ الوصلِ بالسفن

وجندُنا سوف تحسو الشايَ في قُمُرٍ[2]

كانت حصوناً لكم، واليومَ كالدِّمن

والله لا ذقتَ يا صِهيونُ مأمنةً

وعُدتَ كالزطِّ رحّالا بلا وطن

وليفعل الكفرُ ما يهوى لباطلِهِ

فالموتُ للحقِّ يبقى أعظمَ المِنن

وخاس كلُّ عميلٍ في ضلالتِهِ

أخزاكم الله يا عبّادةَ الوثن

ع ح

 



[1]  قال الإمام علي كرم الله وجهه: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ بعثَني وأنا أرمدُ فبزقَ في عيني ثمَّ قالَ افتح عينيكَ . ففتحتهما فما اشتكيتُهما حتَّى السَّاعةَ ودعا لي فقالَ اللَّهمَّ أذهب عنهُ الحرَّ والبردَ . فما وجدتُ حرًّا ولا بردًا حتَّى يومي هذا.

[2]  قمُر جمع قمرة، قمرة السفينة، غرفة قيادتها.


الأربعاء، 3 يناير 2024

صمت الحليم - عبدالله الطائي (منقحة)

 


"صمتُ الحليم"

 

 

مكانَك يا نَفسُ لا تنطِقي *** وإلا فإنّك في مأزِقِ

 

سكوتُكِ عقلٌ به ناطقٌ *** ونطقُكِ من خُلُقِ الأحمق 

 

وهيا اقرأي حِكمَ السالفين *** وتحبيذَهم عَطَلَ المَنطِق 

 

فكم من عِثارٍ بهذا اللسانِ *** وكم من فضاءٍ به ضيِّق 

 

وإنك نفسٌ فحتى متى *** تذودين عن عالم رَيِّق 

 

نفاقاً إذا ما أردتِ الكلامَ *** وصمتاً اذا شئتِ أن تَصدُقي 

 

فحريةُ الرأيِ مقبولةٌ *** اذا كان صاحبُهُ متقي 

 

صمَتنا وإن كثُرَ الاضطهادُ *** فصُنّا عن الجورِ ما قد بقي 

 

فمن وطنٍ بِيع للسامري *** وآخرَ أُعطيَ للأخرَق 

 

ومن ثروةٍ يَحتسي نفعَها *** مسبِبُ واقعِنا المُملِق 

 

أَخذنا السجيةَ من بحرِنا *** نعافُ اللآلي وصخراً نقي 

 

وكم بينَنا من ذكيِّ الفؤادِ *** يقاومُه الخصمُ إذ يرتقي 

 

وكم بالمَهاجِرِ من مَعشرٍ *** مضَوا يبحثون عن المِرفَق 

 

بلادُهمُ تُطعِمُ الوافدين *** وأخلِق بإكرامِهم أخلِق 

 

أليس العروبةُ أن نَغتدي *** عبيداً لوافدِ ليلٍ شقي 

 

ونَحفَلَ حتى بشوكِ القتادِ *** ونَعمى عن الوردِ والزَّنبق 

 

ونَصبِرَ للمُرِّ صبرَ الكرامِ *** ونحيا بسالِفِنا الشيِّق 

 

أليس العروبةُ أن ندّعي *** ونخطبَ في صولةِ المُفلِق 

 

نكررُ نحن الأباةُ الأباةُ *** ونحن من الذلِّ في مَوثِق 

 

تسيرُ الخنافسُ نحو العُلا *** ونحن على جهلِنا المُطبِق 

 

*** 

 

أخي أيها العربيُّ الغيورُ *** دعوتُكَ دعوةَ حرٍّ نَقي 

 

دعوتُك للوطنِ المُستضامِ *** دعوتُك للخطرِ المُحدِق 

 

وقد طال ليلُ الهوانِ المَريرِ *** وفجرُ الكرامةِ لم يَفلِق 

 

أُعيذُك من نَشءِ هذا الزمانِ *** وما فيه من مسلكٍ موبِق 

 

خَلَصْتَ كما التِّبرِ بين الترابِ *** وسِرتَ على نهجِك الأصدَق 

 

وعَيْتَ المشاكلَ وعيَ الحصيفِ *** فجئتَ بحَلِّك كالفيلق 

 

فمِن نَفسِك النهجُ للاتجاهِ *** ومن عزمِك السيرُ في المأزِق 

 

وخلِّ الوعودَ وخلِّ الخِطابَ *** نَطقنا طويلاً ولم نَصدُق 

 

وهيا إلى العملِ المستمرِ *** فإنّ التفاخرَ للأسبَق

 

سنصمتُ لكن كصمتِ الحليمِ *** يَهيئُ للغضبِ المُطلَق

 

يثورُ به ثورةً من يجيءُ *** لِصَدِّ براكينِها يُصعق 

 

فنَخرجُ منها عظامَ النفوسِ *** ونظهرُ والمجدُ في المَفرِق 

 

كذلك نحن وأما المقالُ *** فما هو إلا هوى المُخفِق 

 

فيا أيها العربيُّ الغيورُ *** تعالَ لمستقبلٍ مشرقِ

 

٢٥ يونيو ١٩٥٣

 

عبدالله بن محمد الطائي (كتبها وهو في الثلاثين من العمر)- ديوان الفجر الزاحف

 

الاثنين، 1 يناير 2024

مسباح أمي رحمها الله

 [حَملوا عصيَّهمُ وأحمل سُبْحةً

شتان بين سلاحِهم وسلاحي

ظُلموا فما انتصر الحسامُ لظلمهم

ولكم قصمت الجيشَ بالمسباح]

عاينتُ هذا في صفيةِ ربِّها

في وِرد كلِّ عشية وصباحِ

تستمطر الرحماتِ، يَنفحُ طِيبُها

بالذِّكرِ والتعظيمِ للفتّاحِ

ورأيتُ روحَ أبي تعانق روحَها

فيشَّعِّلا الأنوارَ في الأرواحِ

سَكب الإلهُ عليكما رحماتِهِ

أَبَوَيَّ في الجناتِ والأفراحِ

قرَّبتُما بابَ السماءِ لدارنا

تقريبَكمْ صنعاءَ للسياحِ

 

[أبو مسلم] + ع ح

*صنعاء قريتها والسياح قريته رحمهما الله تعالى.

 

سيف المكارم

 أُعزِّي بسيفٍ كلَّ أَرشدَ ماجدِ

وكلَّ حَمولٍ للديونِ مُكابدِ

فتىً رأيُهُ رأيُ السدادِ، وفعلُهُ

غياثُ العبادِ بالندى والسواعدِ

تراه كمثلِ الوالدينِ تَفَقُّداً

لمَن حولَه يسمو بهم للمراشدِ

بجنبيه نفسٌ بالتقى مطمئنةٌ

وأنفاسُهُ تهوى هواءَ المساجدِ

إذا قَصدَ الأخيارُ للبرِ والتقى

استقلَّ حميدُ الذكرِ أزكى المقاصدِ

خبايا لوجهِ اللهِ من حُرِّ مالِهِ

تَسيرُ تِباعاً في قريبٍ ووافدِ 

مضت عند سيفٍ بعضُ نفسي فليتها

تؤانسه في قبرِهِ والمشاهدِ

 عليه من الرضوان قرَّةُ عينِهِ

ويلبس في الفردوسِ خيرَ القلائدِ

فما عاش إلا يبتغي اللهَ مخلصاً

وما مات إلا وهو سيفُ المحامدِ

 

توفي الأخ سيف بن محمد بن حامد الهنائي يوم ١٨ نوفمبر ٢٠٢٣

 

الأربعاء، 15 نوفمبر 2023

هل نستحق النصر؟

الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد ﷺ أما بعد، فلأن كلمة الله هي العليا، لا تزال رغم الكيد طائفة من أمة محمد ﷺ قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون، وإلا خمدت جذوة الدين فما نحن عليه من مخالفة للحق خطير، فالمسلمون -من غير أهل الجهاد- حالهم كالآتي: ١/ قوم فرّقوا دينهم وكانوا شيعا. ٢/ يكيد بعضهم بعضا. ٣/ أسقطوا الخلافة الراشدة محرك الأمة، وسلم الأمر لأناس ليسوا بهداة في الدين ولا أئمة للمتقين. ٤/ كسروا راية الجهاد التي هي عِزّ الإسلام. ٥/ عطلوا الزكاة التي أجمع الصحابة على قتال من منعها وسموه مرتداً. ٦/ لا توجد موبقة من الموبقات من رباً وخمر وفواحش وموالاة لمن حرّم الله موالاته إلا وأصبحت طبيعية غير منكرة يتعامل بها المجتمع بشكل اعتيادي، بل وشرعت للتعامل بها القوانين فحكموا بغير ما أنزل الله إمعاناً في تناسي شريعة الله. ٧/ عطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والويل للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر فأولئك من تغص بهم السجون وتلعنهم الشعوب، فسلط الله علينا ذلا لا ينزعه حتى نرجع إلى دينه. ٨/ نتشدق بالمثل العليا بينما نحن كمجتمعات أكثر شعوب الأرض فساداً حتى أصبحنا في تعاملنا اليومي أخذاً وعطاء نختار التعامل مع غير المسلم لأن المسلم أصبح أيقونة النفاق والكذب والخيانة وخلف الوعد والفجور في الخصومة، إلا من رحم الله، وإلا فما معنى أن يرقص البعض منا بينما عدو الله يقتل في فلسطين رجالنا ونساءنا وأطفالنا! ما أشبه الأمة المعطلة للجهاد، الفاقدة للقيادة، المستحلة للمحرمات، المخالفة للشرع، بمركبة انتزع منها محركها وإطاراتها وأدوات التوجيه بها وحرفت عن الطريق، ولم يبق بها إلا هيكل وكراسي يتخاصم عليها سكارى، ويناقشون باستغراب كيف لا تصل بهم إلى غاية أبدا، بينما هي لا تصلح حتى للجر! ما يقع على مَن هذا حاله من كوارث هل سيكون سوى نقمة ربانية وعقوبة إلهية؟ لكننا بسبب السكر والتعامي نسميها ابتلاءات، ونكلف موسى عند نزولها أن يدعو ربه ليكشف عنّا الضر، ثم نستنكر على الله كيف لم يحقق وعده لأوليائه وقيامه بواجباته تجاهنا من نصر وتمكين، ضامنين ولايته ولو خالفنا أمره وكأن لنا عليه فضلا، فأغلقنا عن أنفسنا حتى باب التوبة، والويل لمن يقول لنا بأننا نعيش جاهلية جديدة وردة حقيقية متكاملة الأركان. الحمد لله على لطفه ان ترك لنا على المستوى الفردي باب النجاة مفتوحاً لمن أراده، فنستطيع فرادى الفرار إليه سبحانه وتعالى، فلا نهلك. اللهم تب علينا واغفر لنا وارحمنا، واجعلنا من الفئة القليلة المنصورة فضلاً منك ورحمة يا رب العالمين. ع


الأحد، 8 أكتوبر 2023

قصيدة ملحمة غزة - سالم الكلباني

 ملحمة غزة

شعر سالم بن علي الكلباني 


أثبتَّ أنك قوة لا تُقهرُ

كبُر المُصابُ وكبرياؤك أكبرُ


روحٌ محلّقةٌ وعزم شامِخٌ 

وإرادةٌ عن حقّها لا تفترُ

 

وتجذُّر في الأرضِ مهما حَاولوا

أن يقلعوهُ فإنَّهُ متجذّر 


حسبوكَ مثل الآخرينَ فأمعنوا

في بَطشِهِم وتغطرَسوا وتجبّروا


فأجابَتِ الأحداثُ أنك فوقَ ما

حسِبَ الطُّغاةُ وفكَّروا وتَصوَّروا


أَعييتَ قولَ القائِلينَ فما لَقُوا

نظماً ولا نثراً بمثلك يجدُرُ


آمنتَ بالله العظيم وثورةٍ

جبّارةٍ للظالِمين تدمّر


ووقفتَ في وجهِ الطُّغاةِ تؤزُّهم 

أزّاً وبأسُكَ بالصواعِقِ يُنذِرُ


بُهِتَ الذين يُواجِهونَكَ إذ رَأَوا 

تِلكَ الشجاعةُ واللَّظى يتسعّر


قالوا أَإنساناً نرى أم مارِداً

ينقضُّ يقصفُ يستفزُّ يُزمجرُ


يرتدُّ عاصفةً إذا زحزحتَهُ 

زحزحتَ عِفريتا بِوجهِكَ يَزأَرُ


لله درّك صامداً والموتُ مِن

كلِّ الجهاتِ بِشَخصِهِ يتعثّر 


حوّلتَ أحلامَ الغُزاةِ مصائِباً

نَدِموا على تَصديقِها وتحسّروا


وطَبعتَهُم بالذّل رغم عتوِّهم 

وَهِنوا وهانُوا وارتَموا وتدَهوُروا


لم يُثنِكَ المُتصهيِنُونَ ومن على

أقدامِ خِزيِهِم انحنَوا واستحمَروا


ضرّوك شيئاً ما ولكن ضُرّهم 

عارٌ بِهِم حتى القِيامَةِ يُذكر


سيحاسَبونَ على قبيحِ فِعالِهِمْ

حينَ القبائِحُ والمحاسِنُ تُنشرُ


علّمتَهم معنى المقاومة التي

لا كاذبٌ فيها ولا مُستأجر 


لا خائنٌ لا فاسِدٌ لا تاجِرٌ

بِدَمِ العروبة والقضيّة يَتْجُرُ


علّمتهم أن اللصوص وإن حَلَت

أوقاتهم دهرًا فسوف تكدّر


علمتهم أن الدماء رخيصةٌ

إن كان عاقبةَ الدماء تحرّرُ


عن أي إصرار وأيّةِ هِمَّةٍ 

يا ابن الصناديد الأشاوس تُصدِر


أحرجتَ أصحابَ الكراسي رغم ما

هم فيه فالتفتوا إليكَ وكبّروا 


واستنكروا بالقولِ ما عانيتَهُ 

لكنّهُم بالفعل لم يستنكِروا


لو أنهم قاموا بواجبهم لما 

هنِئ الصهاينةُ اللِّئامُ وعمّروا


ولما تطاول من يُريدُ لك الردى 

في حينِ من يبغي حياتك يقصر

 

خذها تحيّةَ أمةٍ عربيّةٍ 

فيها البنادق والمدافع تهدُرُ


فيها من الشَمَمِ القديمِ بقيةٌ 

ما طوّعتها للخنوع الأعصُرُ


بَعثت إليك بها عُمان وِضمنها

نصرٌ يلوح وبشريات تُزهر


وقلوب أبطال يسرّك أن ترى 

سُحب الثناءِ عليك منهم تُمطر


طار الحماسُ إلى (حماسبهم ولو 

وجَدوا إِليها منفذاً ما قصَّروا 


لولا حدودٌ خطَّها مُستعمرٌ

أيّام فرّق بيننا المُستعمر


تأبى كرامتُنا ويأبى دينُنا 

أن يستبدّ بكم عدوٌّ أحقرُ


نصرٌ علينا واجبٌ لا ننثني 

عنه وأنتم حقّكم أن تُنصروا 


أنتم جنودُ الله في حرماته 

بكم الكرامةُ والشهامةُ تفخَرُ


أنتم رُجومُ المعتدينَ وحتفُهُم 

بِكُم الطواغيتُ العتيّة تُدحر


شرّفتم الأحرار باستبسالِكُم 

وبِرفضكم ما شاءهُ المستكبرُ


وكتبتمُ التأريخ غير مشوّهٍ 

بدمٍ على صحف الحقيقة يقطُر


وبعثتم الشمم العُروبيّ الذي

قد كادَ في جوفِ المذلّة يُقبر


لولا عزائِمِكُم وصدقِ جِهادِكُم 

لم يبقَ للأجدادِ فضلٌ يُذكر


لم تألفوا ترفَ الحياةِ كمثلِ من

بِلذائذ العيش الرغيد تخدّروا 


أطفالُكم نشأوا على قِمم العُلا 

لا عابث منهم ولا مستهتر 


أشقتكُمُ الدنيا فأشقيتُم بها 

أعداءكم حتى اشتكوا وتضجّروا


حجرٌ به بدأت مسيرتكم على 

درب الخلاص فلاح ثمّة مَعبر


والآن أنتم تَرجُمون عدوّكم 

برواجمٍ في عمقه تتفجّر 


ذُهلوا لكون الأرضِ ترجفُ تَحتهم

والجوُّ من لهبِ القذائفِ أحمرُ


يتزاحمون على الملاجئ مثلما

تتزاحمُ الجِرذان لحظةَ تُذعر


لا شُلّتِ الأيدي التي صنعت ولا 

هانَ المهندس حينَ هب يدبّر 


أعطاكُمُ الخلّاقُ ما لم يُعطِهِ

أُمماً بقائمة الغِنى تتصدّر 


أما قضيّة غــــزّةٍ فقضيةُ

أبطالها في الكون لن يتكرروا


ثبتوا وأشهدُ أنهم بثباتهم

قد روّعوا جيشَ العدوّ وحيّروا


ما ساوموا في دينهم، في أرضِهم

في عرضهم ، ما فرّطوا ما زوّروا 


لم يعقدوا صفقات ذلٍّ مثل من 

عقدوا وعن نهجِ العُروبةِ أدبروا


ما نسّقوا عندَ العدو لأمنِهِ

ما حاصروا الثوّار كيلا يظهروا


صاروا فدائيينَ مِلء نُفوسهم

أملٌ وإيمانٌ وعقلٌ مبصر


خذلتهم العربانُ لكن ربّهم 

كان الكفيلُ لهم بأن لا يُقهروا 


لا يملكونَ منابعاً ومناجماً

للمالِ ما هو أسودٌ أو أصفر


مَلَكوا نفوساً حُرّة قد آمنت 

بالله يَمْددُ عمرها أو يقصر


تتشرّف الكلماتُ وهي تَسُلُّهم 

مثل السيوفِ على الأعادي تُشهر


وتجيءُ أفواجاً يسابق بعضها 

بعضاً ومن نبع الخلود المصدرُ


لا شك أن الله رافعَ قدرهم

رفعَ المشاعر حين فيهم تشعر

 

علماؤهم زعماؤهم شعراؤهم 

تُحنى الجباه لهم وتُلوى الأعصُر


أحببتهم حبّا بقدرِ جهادِهِم 

وبقدر ما ضربوا الطغاةَ فأثّروا 


وبقدر ما صبروا على قهرِ العِدى

 لم يُذعنوا لم يُكسروا لم يُعصروا

 

أحببتهم والله إني صادقٌ 

والحبُّ منه صادقٌ ومزوّر


وشكرتُ حرف الراء حين أتاح لي

كَلِماً به صوت الضمير يعبّر 


ما ضاق وُسعاً بالذي أمليته 

مما أُسرُّ من الشعور وأَجهر


إن يصعب البيت العنيد أداره 

وأعاد صيغته بِما هُو أَخيرُ


فكأنه عبدي المطيعُ يقول لي 

لبيك تنهى إن أردت وتأمر 


وأتى يؤازرني ببحرٍ كامِلٍ

كالبحر بالدُّرِ المنظَّم يزخر


فغرفت منهُ ما أردت ولم يكن 

أبداً يمُنّ عليّ أو يستكثر

 

لا تحسبوا شيبي أضاعَ ملاحِمي 

كلا فإني في الملاحِم عنترُ

 

ما كنتُ أرضى السَّهلَ لو لا أنني 

لمهمَّة العمل الكبير أقدّر


فعسى أحقق بعض ما أمَّلتُ إذ

باشرتُ عن شرف الجهاد أسطّر


ناديتُ في الأحرار بورِكَ سعيُكُم 

وصرختُ بالمستَعبدينَ تَحرروا


ودفعتُ بالمُتهاوِنينَ لينهضوا

ويجددوا عزماتهم ويشمّروا 


ويجاهِدوا في الله حقّ جهاده 

حتى يعود القدسُ وهو مطهّر


وحزنتُ للعرب الذين استهتروا 

بالثأر للمظلوم بل وتنمّروا 


ونسوا القضيّة والحميّة والحِمى 

وتخاذَلوا وتنازلوا وتنكّروا 


اللهُ يَهديهِم ويُصلِحُ شأنهم 

كيما يصيروا راشِدينَ ويَكبُروا

 

وَصَفوا المُقاوم أنّه متوحشٌ 

متفرّدٌ بقراره متهوّر

 

وَصَموه بالإرهابِ وهو يموتُ كي 

تحيا العدالةُ والحقيقة تظهر

 

والحقُّ أولى أن يقال فدعمهم 

ظلمُ وبهتانٌ وكِذْب أعور 


ما كان إلا مستعيدا حقّ من 

قد قُتِّلوا أو عُذبوا أو هُجّروا 


شكرا أخا العزمات قد أعطيتَنا 

حق التفاخُرِ حين يزهو المفخرُ

 

سَلِمتْ عزيمتك التي ما استسلمت 

رغم الذين تصهينوا وتنصّروا 


ضَربوا لَكَ الأمثال كي تحني لهُم

رأس القضيّة علّهم أن يظفروا 


فصفعتَهم بالرفض صفعة ثائر

كَشَفَ الذي قَدِموا به وتستروا 


قالوا اعتدل فالاعتدالُ غنيمةٌ

 واستجدِ أمريكا فحظك أوفر

 

ألقِ السلاح ودع مطالبة بما 

أصبحت تدرك أنه متعذّر


قلتَ اعتدل تعني انبطِح في عُرفكم

والإنبطاحُ ببالنا لا يخطر

 

أنتم ترَون الموتَ ختم مطافِكُم 

ونراهُ بدء سعادةٍ لا تُحصر

 

أنتم لكم جنّاتكم ونعيمكم 

في هذه الدنيا إلى أن تحشروا 


ولنا إذا نلنا الشهادة موعدٌ 

مع جنّة فيها نُعزُّ ونُحبر 


ماذا يظُن الغاصِبونَ لأرضنا 

أنقول أن الاحتلال مقدّر؟


كلا فإن الله قال لنا انفروا 

والخاسرُ المغبونُ من لا ينفر 


ماذا يريد السارِقونَ بيوتنا 

أنقول طابَ مقامُكُم يا معشر؟


أنرشُّهم بالوردِ والريحانِ كي

ترتاح أنفسُهم ولا تتكدر؟ 


خسِئوا فسوفَ نقولها ونُعيدها 

جئتم لكيما تُسحقوا وتفَجروا 


جئتم لأرض معادكم لحصادكم

فالله أوعدكم بأن لا تُنظروا 


عودوا إلى تِلمودِكم وتصفّحوا 

تجدوا دلائله بهذا تُخبر

 

من قال يا مستوطنون تفضّلوا

هذي فلسطينُ اسكنوها واعمروا

 

وتفيئوا ظِلّ السعادة فوقها

واستوطنوها واهنؤوا واستبشروا 


لا لا فأهلُ الأرضِ ما زالوا بها 

وحقوقُهم في أرضِهِم لا تُنكر

 

إن كانتِ الدولُ الخبيثةُ قررت 

أن يدخلوها غاصبين وينصروا

 

فهناكَ ألف طريقة وطريقةٍ 

ستُزيلهم مهما عتوا وتحجّروا 

 

كل الوسائِلِ للجهاديين قد 

صارت تُتاحُ وتُستزادُ وتكثر

 

قالوا لعزرائيل دعنا نَنتزع 

أرواحهم إنّا بذلِك أخبَرُ

 

سَنَجيئُهم من حيث لم يتوقعوا 

أو يحسبوا أو يخبروا أو ينذروا 


سنجيئهم من فوقهم وأمامهم 

وورائهم لهباً يذيب ويصهر 


نستلهمُ الطاقاتِ من قرآنِنا 

فبِهِ وقدرة ربنا نستبشِرُ 


هو عقدةُ الإرهابِ في أذهانهم 

ولنا هو الأفق الفسيح النيّرُ


سالم بن علي الكلباني

مسقط - سلطنة عمان

٧ أكتوبر ٢٠٢٣ الأغر

اقعدوا مع القاعدين/فاقعدوا مع الخالفين

جاء في سورة براءة {اقعدوا مع القاعدين} ثم جاء {فاقعدوا مع الخالفين} هل تتبين لك حكمة من هذا الاختلاف وأي التعبيرين أشد؟ كلا الآيتين يتضمن ال...